غرف الصدى

تقديم:

يتداخل علم الإدارة بعلوم أخرى كثيرة، وأهمها علم النفس وعلم الاجتماع بالإضافة إلى العلوم المالية والاقتصادية. لذا، من الطبيعي أن ينظر القارئ إلى المصطلحات الإدارية من زوايا مختلفة، وأن يحاول القارئ استحضار الأمثلة التي تتناسب والبيئة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيش فيها.

غرف الصدى Echo Chambers

يشير هذا المصطلح إلى المواقف التي يتم تضخيم القناعات والمعتقدات أو تعزيزها؛ وذلك بتكرارها ضمن دائرة اهتمامات متشابهة وعزلها عن الطعن والنقد.

فعادة ما يقوم الأفراد بالبحث عن المعلومات والحقائق والشواهد التي تعزز وجهة نظرهم، وهذا ما يؤدي إلى "الانحياز التأكيدي"، أي أن الفرد يجد غالبا ما يؤيد وجهة نظره، ولو بحث عن وجهة النظر المقابلة لوجد ما يدعمها (ومن يدعمها) بالمقابل.

أمثلة:

المثال الأول: البحث عن المعلومة على محركات البحث. لنفرض أنك من مؤيدي نظرية تسطيح الكرة الأرضية، وبحثت عن الأدلة التي تثبت بأن الكرة الأرضية مسطحة؛ بالتأكيد ستجد أن الكثير من الأفراد يؤمنون بهذه النظرية ولوجدت الكثير من الحجج التي يسوقونها لإثبات ذلك، وهذا سيعزز قناعتك بأن الكرة الأرضية مسطحة إن كان لديك الأرضية المناسبة لهذا الطرح. ولو كنت من المقتنعين بكروية الأرض لوجدت الأدلة والبراهين كذلك.

المثال الثاني: يقوم مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالتفاعل مع المحتوى الذي يؤكد معتقداتهم وقناعاتهم، بل ويشتركون في المجموعات التي تشبههم. وهذا ما يعرض المستخدمين لفرصة زيادة الاستقطاب وتأكيد ميولهم الأساسية.

المثال الثالث: قراءة الكتب التي تعزز هويتك. عند اختيارك لكتاب فإنك غالبا ما تقرأ كتاب يعزز قناعاتك. فإن كنت شخصا متدينا ستقرأ الكتب الدينية التي تعزز وتؤكد على قناعاتك المسبقة. وغالبا ما تبتعد عن الكتب التي تتحدى المنطق الديني الذي تتبناه. وغالبا ما نتجنب اختيار كتاب، أو حتى نختار عدم متابعة القراءة في حال تبين لنا أن هذا الكتاب يخالف تصوراتنا المسبقة.

المثال الرابع: غالبا ما تبقى الصداقات بين الإفراد يماثلون بعضهم في التفكير. وكلنا نعرف المقولة "قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت"، والمرء على دين خليله.

بالطبع يمكنك استحضار أمثلة كثيرة، وأنا أشجعك على ذلك.